القائمة الرئيسية

الصفحات

 




أيها الليل البهيم، كيف ذرتك السنين، هل هزك الشوق أم هزمك الحنين؟! ...هل عادت محبوبتي بعد ذلك اليوم، هل سألتك عني بعد هجرها الأليم؟! لا... لا أريد أن أعرف بل انى أخشى المعرفة حد الموت . لن أطيل عليك الحديث، ولا علم لي بما أضيف، فقد أتيت لأودعك قبل الرحيل، فأنت رفيق دربي الوحيد، وقد كنت على فراقنا شهيد، هل تذكر ذلك اليوم، حين اسدلت ستارك المديد، وزجرت القمر آمرا أن يغيب، هل تذكر كيف أخفيت بسوادك، حبنا عن العيون.

ذلك اليوم  أتيتها حاملا قلبي بالوعيد، فخذلتني ونهرتني وطلبت مني عن طريقها أن أحيد.

يومها لم أصدق مسمعي، يومها ضحكت بكل قوتي، يومها خطت بيديها نهايتي!

فوق هذه الصخرة افترقنا ، ولم تحن منها أي التفاتة نحوي، تركتني وحيدا مدمى بجرحي.

كنت شاكرا لظلامك الذي أخفى دمعي عن العيون، يومها أخذت عهدا على نفسي أن دمعي مرة أخرى ابدا لن يهون، صدقني لم أرغب  ان أعود، ولكن... غدا فوق هذه الأرض لن أكون، لذا لم أمنع نفسي من القدوم ..لإلقاء النظرة الأخيرة، ففي مثل هذا اليوم  المشؤوم افترقنا، وكان اللقاء الأخير لنا في كتفك.

..أناشدك يا ليلي قبل رحيلي:ان عادت أخبرها، بأن حبي لها لن يزول، أخبرها بحنيني وشوقي، قل لها بأنني أبدا لن أنسى حبنا البتول. وسأبقى على أمل أن تعود، أخبرها بأن غيابي هذه المرة سيطول.

أودعتك قلبي يا ليلي فاعتني بها من اجلي حتى أعود


****

.خمس سنوات مرت على فراقنا، وما زلت أشعر بأننا بالأمس افترقنا، وما زلت اندم على رضوخي وخنوعي لطلبها، وما زلت اتسائل لما التزمت الصمت وانا أراقب رحيلها، لا ادري كيف ما زلت احيا وانا لا اتنفس الا عشقها، ولكني حييت حتى هذه اللحظة على أمل أن أتنفسها هي.


****

على تلك الصخرة نقشت رقم هاتفي، ونقشت عنوان اقامتي، ونحت اسمي فوق الصخر، ورحلت على أمل أن ترى رسالتي ونلتقي.

نادى الطبيب باسمي، ودعاني للدخول وحدي، أجل فأنا ما زلت وحدي يلازمني طيفها الأزلي، ولا أدري لما أزور الطبيب وصحتي كل يوم في تراجع، وعلتي في ازدياد.

دخلت الغرفة المعبقة برائحة الأدوية والمعقمات الطبية دخلت اقود عجلات الكرسي المتحرك بيداي المتعبتان وساعدتني الممرضة بالاستلقاء فوق السرير الأبيض المريح بدأت تتعالى الأصوات المعتادة للأجهزة الطبية، أغلقت عيني وأسلمت أمري، ودعوت ربي أن يريح قلبي و يقر عيني.

"صابر السالم"

نادت الممرضة اسمي تسألني ان كنت صاحبه، رفعت رأسي وأشرت بيدي سامحا لها بالدخول، مدت الي كفها بظرف بريدي، لم يحمل ختما أو اسما أو عنوانا، فقط كتب فوقه:

يسلم لصاحبه صابر السالم

فتحت الظرف بلهفة، أنه منها لا محالة، هل استجاب الله لدعائي أخيرا، هل اقترب موعد لقائنا، شققت الظرف بسرعة وأخرجت ورقة صغيرة مطوية بعناية، حينما فتحتها، لامست أنفي رائحتها الزكية يا الهي كم اشتقت لها، كم اشتقت لضمها، سارعت عيناي لتلتقط حروفها، حرفا تلو الآخر وتلتهم كلماتها كلمة تلو الأخرى الى أن أنتهيت:

كيف أبدأ رسالتي، لا أعلم، هل اعتذر؟!...هل ستقبل اعتذاري؟!... لا ادري ولكني حقا اعتذر، من صميم فؤادي انا اعتذر لك عن قسوتي و جفائي...صابر إن وصلتك رسالتي فهذا يعني شيئا واحدا فقط، انني لم أعد هنا...حبيبي لم يكن لدي خيار، أعلم أنني كنت قاسية جدا بكلماتي، ولكن لو لم اقسو عليك لما استطعت ابعادك عني... صابر...أنا أعاني من مرض نادر لا علاج له،  مرض مميت يسبب ضمورا في عظامي  وتشوها في جسدي... سامحني لانني لم استطع اخبارك ... كنت اعلم جيدا ما سيكون عليه ردك...فقط لم احتمل ان تراني وانا اتحول الي مسخ قبيح، أردت أن افترق عنك بصورتي الجميلة كي أبقى جميلة في ذاكرتك واحلامك، حبيبي لم أحب يوما سواك ولم يسكن قلبي عداك،  وما زلت على وعدي لك، لم اتزوج من غيرك ابدا فقد طلبتك من خالقي في كل صلاة ودعاء، انا واثقة بأنني سألتقيك  بالجنة بإذن الله، انا بانتظارك لا تتركني انتظر كثيرا....محبوبتك البتول

****

لا ادري متى حل السكون في المكان ولم اعرف من أين أتى هذا السلام، كل ما شعرت به هو خدر لذيذ سرى في أوصالي تدريجيا، بداية من أخمص قدمي حتى أخر شعرة في رأسي، سقطت الورقة من يدي وحطت على الأرض وصدح صوت جهاز تخطيط القلب، يخترق السكون معلنا عن وفاة جديدة داخل غرفة رقم (١١) في المجمع الطبي قسم غسيل الكلى. 


****

نظر الطبيب الي وجهه الباسم بدهشة وأسف قائلاً:

- غريب أمر هذا المريض، فمنذ أن وصل إلى هنا لم أراه يبتسم أبدا، وهاهو يبتسم أثناء موته.

أعلن الطبيب ساعة الوفاة، وتدريجيا تلاشت الاصوات.

نهاية🥲

صعدت  روحي بسعادة هائمة الى السماء، سارعت للقائها فلم أعد أطيق صبرا فراقها...فلو علمت بمكانها منذ البداية لما انتظرت واطلت فترة العذاب، يكفيني لهوا وتباطئا فقد تأخرت عليها كثيرا، وكيف اتأخر عليها أكثر بعد أن عرفت مكانها.



رعب في المشرحة

تعليقات

التنقل السريع