القائمة الرئيسية

الصفحات

الفصل العاشر

وعاد ليواصل فرض تعليماته على حارسه الشخصي بينما لم تحتمل ماريانا بروده ولا مبالاته فدفعته قليلا من كتفه كي ينظر نحوها هاتفة بحدة:

- سارحل الان واعقد مؤثمر صحفي وسأقول للجميع كم انت شخص منحرف ومجنون وندل وغبي...لقد وقعت بين يدي سوف تكون ميت لا محالة...ستكون هذه نهايتك.

ألقت بكلماتها الحانقة بوجهه واستدارت مبتعدة عنه، أغلق جون حقيبة السيارة الخلفية بقوة قائلا وهو ينفض يده بغرورو:

- منطقة ديل تاون في الشارع الغربي مقابل حديقة مرج الزهور...هل هذا عنوان منزلك؟

تسمرت ماريانا في مكانها واستدارت نحوه ببطىء بدهشة، تحاول استيعاب ما يقول، فتابع وهو يتقدم نحو سيارته:

- سأذهب إلى مقابلة والديك الان

وضعت يديها على خاصرتها قائلة بهدوء بعكس ما يشتعل داخلها من نيران غاضبة:

- لقد قلت انك ذاهب للخارج اليس كذلك؟

قال بخفة مبتسما متجاهلا النبرة الغاضبة في صوتها:

- ما عنيته اننا بدأنا هذا الطريق سويا لذا دعينا نتابع للنهاية...لنرى ماذا سوف يحدث.

سار الى سيارته بكل هدوء وصعد اليها امام نظراته التي تحاول التاكد مما اذا كان جادا في كلامه ام يستفزها فقط، نادته بغضب.:

- انت ...(ولكنه تجاهلها وتابع تشغيل سيارته) فأسرعت امام السيارة معترضة طريقه فاردة ذراعيها الى جانبها كالطير المحلق، فنطر اليها جون بنفاذ صبر, بينما ادركت ماريانا مدى جديته وانه لم يكن يمزح ابدا، قالت بانفاس لاهثة متقطعة بعد برهة من التفكير:

- أنا آسفة

نظر إليها جون من خلال النافذة مثبتا نظارته فوق عينيه جيدا، وقد قرر ان يتوقف قليلا ليستمع لاعتذارها, وقد شعر باستمتاع لمقدرته على ترويضها خلال لحظات قصيرة فقط، وهي لاحظت استمتاعه بكل حنق فهتفت بغيظ:

- قلت لك بانني اسفة ايها الندل! 

تابعت حينما رات استهتاره باعتذارها :

- انا لست واثقة من الخطا الذي ارتكبته بالتحديد...ولكن تصرفاتك القاسية بالرغم من رؤيتك لى اتقطع بهذه الطريقة...تخبرني بانني بالتاكيد اخطئت بحقك...اليس كذلك؟

كان جون مبهورا باسلوبها الجديد هذا لانه لم يتوقعه منها فقد ارتفع حاجباه باعجاب وهز راسه موافقا على كلماته بينما هي ما زالت تعترض طريقه ضامة يديها بتوسل وقد تابعت برجاء كي تامن جانبه وتسترضيه:

- انا حقا اسفة لانني دعوتك بعمود الانارة وهاجمتك شخصيا...او اعني انني مخطئة بهذا...اقدم اعتذاري

وامام نظراته الثابتة الغامضة تابعت ماريانا توسلها بلطف:

- بالنسبة للخبر الذي انتشر في الصحف بشان التحرش وتلك الاشاعات الغريبة...ساخبر الجميع بانني خططت لكل هذا...انت لن يطالك اي اتهام ...ساتحمل انا كل اللوم...هذا ما سافعله اتفقنا؟

ارتسمت ابتسامة لطيفة على وجه جون وهو يراقب محاولتها الحثيثة البائسة لاسترضائه وقد فاقت بالفعل توقعاته بينما ركضت ماريانا الى باب سيارته المغلق لتؤكد له انها صادقة في كلماتها وتعني كل ما تقوله:

- انت لن يكون لديك اي شيئ متورط به ...دعنا ننهي الامر وكأنني امراة مجنونة متهورة ...ما رايك بهذا؟

كانت متلهفة جدا واثقة جدا وايضا في غاية الصدق وتسائل بينه وبين نفسه لماذا كانت ردة فعلها قوية وعنيفة حينما حاول معها سابقا لحل هذ ا الموضوع. رق قلبه لاجلها فخرج من سيارته محاولا فهم ما يحدث معها تماما وسبب تبدل حالها..وعلى الفور اتاه جواب سؤاله الفضولي الغير منطوق حينما تابعت بسرعة وامل :

- عائلتي ستوافق عليك وبشدة حالما يقع نظرها عليك

امسكت بذراعه وقالت بابتسامة حرجة وهي تحاول اقناعه:

- حتى لو لم تراهم هم لن يهتمو لهذا ...خاصة امي...ستقول "لقد ربحت اليانصيب" ولن تقدر ابدا على التخلص منها تماما مثل الصمغ العالق في شعرك.

هنا راى جون الجانب الاخر من شخصيتها, فهي بدت لطيفة جدا وهي تحاول ان تؤكد له بانه الخاسر الوحيد فيما لو ظهر امام عائلتها وانه سيكون في ورطة فعلية وهي تحاول انقاذه ليس الا...لا يدري لماذا ولكنه شعر باعجابه يتنامى نحوها ...انها فريدة من نوعها...فقد قابل العديد  من النساء المتصنعات الراقيات لكن بمثل هذه العفوية والصدق لم يقابل ابدا...نظر اليها وهي تتابع اقناعة بظرافة :

- اسم الشهرة الخاص بامي هي "الصمغ المجنون" 

وتابعت بهمس وكأنه تدلي بسر خطير لا يعلمه احد غيرها :

- الصمغ المجنون القوي من الدرجة الاولى

حاول جون تجاهلها وتخطيها ليعود الى سيارته, فهو صامت منذ بعض الوقت يستمع اليها فقط وما لاتعرفه بانه لا ينوى تغيير قراره مهما حاولت وبذلت من جهد، فوقفت بينه وبين سيارته تمنعه من تجاوزها وتابعت بتحذير:

- لا يجب ان تستهين بما اقول فانا لا امزح ابدا!...اذا فعلت ذلك فستجد نفسك متزوجا بي ولن تجد مفرا ابدا

امسكت ببذله السموكنج الفاخرة تشد عليها بقوة منهية كلماتها بحزم. اقترب منها جون خطوة فاحتجزها بين جسده الطويل وسيارته الالفاخرة امام دهشة ماريانا من ابتسامته المستخفة التي تشق وجهه الوسيم ليسألها بغرور شديد:

- لماذا انا كورقة يانصيب رابحة بالنسبة لعائلتك؟...وماذا عنكي انتي ..كيف تنظرين الي انسة ماريانا؟ انتي لا تكرهينني صحيح؟

من الواضح جدا انجذابك لي .

اتسعت عيناها بصدمة، فغروره اشعل الغيظ داخلها من يظن نفسه ذلك الثري المدلل...قالت باستنكار:

- هل انت مغرور لهذه الدرجة؟

تنهد جون وهو يحاول استيعاب كلماتها الصادمة فقد توقع كل شيئ الا هذا السؤال الغريب, تابعت ماريانا ببرود:

- بالنسبة لي ...انت بالتاكيد ليس النوع من الاشخاص الذي اكون معه.

سأل ساخرا:

- لماذا ؟ ما الذي لا يعجبك بي؟!

ان غروره سوف يصيبها بجلطة من يعتقد نفسه, سألته باستنكار:

- أليس مسموح لى بأن لا أحبك؟...عندي مقياسات عالية جدا!

بالطبع غروره لم يسمح له بتصديق انه لا يستوفي مقياسها في الرجال فسالها بفظاظة:

- هل هناك شخص ما تواعدينه؟ اي نوع من الاشخاص هو؟ ماذا يعمل؟ هل هو اكثر مهارة مني؟ هل هو اكثر وسامة مني؟ هل هو ...اطول مني؟

كان يدور حولها وهو يسالها هذه الاسئلة التي بنظرها كانت غبية وتافهة جدا، ولا تنم عن شيئ الا عن فراغة عقله فقط...بينما جون استعصى عليه الامر ان فتاه ما لا تراه مناسبا لها وهو الذي اعتاد ملاحقة الفتيات له في كل مكان لانه يجمع بين الثراء والجمال والذكاء ودعونا لا ننسى طول قامته النادر...وتابع متسائلا بفضول شديد وهو يتامل وجهها الفاتن:

- هل هو شخص عظيم جدا بحيث لا يقارن باحد؟

هتفت ماريانا بثقة وهو توجه له نظراتها النارية الحانقة:

- نعم انه لا يقارن باحد ابدا....هل انت راض الان؟

كانت صدمته واضحة جدا على وجهه فتابعت ماريانا بثقة بعد ان زعزعت ثقته بنفسه، وكسرت غروره المقيت:

- لقد انتهينا الان صحيح؟.....النهاية.

قالتها بلغة اخرى، مشددة كي ترضى عجرفته ساخرة بانه لا يفهم لغتها جيدا لذا عليها ان تكررها بلغة يفهمها بما انه من الطبقة الراقية المغرورة التي تكرهها تماما، وربتت على اكتافه مشجعة وقد شعرت بانها نجحت تماما في اقناعه وانه لن يقبل على نفسه فرض نفسه على فتاة لا تريده ابدا وتنظر اليه باستهانة...وغادرته بابتسامة بعد ان انحنت له شاكرة تفهمه...بينما جون ظل متسمرا في مكانه مصدوما من رفضها الجازم له ...التفت نحوها قائلا قبل ان تبتعد:

- ضمن الناس الذين اعرفهم...هناك شخصان فقط في بلادي رائعين لدرجة كافية مقارنة بي 

تسمرت ماريانا في مكانها منتظرة منه متابعة ما يريد قوله فتابع امام نظراته المحدقة بدهشة:

- وهذان الشخصان من غير المنطقى بنظري ان ينظروا الى امرأة مثلك.

لقد اعاد لها الصفعة وقام باهانتها كما اهانته وامام نيران الغضب التي بدأت تشتعل في عينيها قال ببرود قبل ان يصعد الى سيارته الفاخرة:

- لقد اتيتي الى هنا بسيارتك اليس كذلك؟ ...سأراك في بيتك بعد قليل.

وصعد سيارته متجاهلا غضبها وصراخها عليه 

- ايها الندل المجنون...انت ...

وانطلق بسيارته الى بيتها تاركا اياها خلفه تحدق في اعقاب دخان سيارته المسرعة وقد اعتلى وجهها اليأس والخيبة واسرعت الى سيارتها لتصعد اليها وتلحق به قبل ان يصل زوجة ابيها الجشعة.



تعليقات

التنقل السريع